محمد شورى يكتب عن: الأحكام الأخلاقية والفرعون الكبير

فرحَ بهروبه من المستنقع الكبير... ولكنّ هذه السعادة لم تستمر طويلاً..
فجأة بدأ يشعر بالألم وبالتالى يشعر بالوحدة، فقد كانت الديدان تحتضنه هناك وتؤنسه أصوات الحشرات والضفادع.. وتقطن بجواره الثعابين.. لقد اشتاق لرائحة المكان النتنة، هو لم يعرف أنّها كذلك، لكنّه اعتاد عليها وكانت تُشعره بالدفئ... - الأكسجين هنا رائحته بلامعنى... والألوان سخيفة.. والأشياء كثيرة ومُعقدة. لقد كان يصرخ، يبدو أنّ مقاييس الجمال عنده اختلت: يا للمعان!... يجب أن أعود سأقتل نفسى إن بقيت هنا فى هذا المكان - بلا معنى. يا إلهي إن عدت للمستنقع ثانية سأعود للعمل مجدداً، عليّ أن أمزّق الحشرات الضارة بأسنانى خمسة مرّات باليوم.. لقد سئمت من هذا العمل الشاق.. وإن ارتدتُّ عن هذا العمل سأُقتل! يا إلهي لقد كاد التفكير يقتلنى أيضاً...... لقد خطرت ببالي فكرة..... سأحول هذا المكان إلى مستنقع...!! مستنقع آخر بقوانين صحيحة، وأظنّها كذلك..! وبعد محاولات عديدة، أظنّ أنّ ذلك مستحيلاً... بل هو وجه آخر للمعاناة. ولكن إلى متى سأظلّ فى هذه المعاناة، أشعر أنّى أقاتل، لقد ضعفت.. أصبحت كل محاولاتي هباء. ومكث فى إنتظار الموت يلتقط أنفاسه بصعوبة شديدة. لقد حطمته تلك التجربة، لقد قُضي عليه بالفعل.. ذلك القرار؛ قرار الهروب. ولكن في النهاية -كما اعتدنا فى السينما- تحدث المعجزة مع آخر نفس... لقد تذكر!... تذكر أنّه لم يغتسل...!! لم يغتسل من الوحل بعد خروجه من المستنقع... لقد نسى أنّ عادات وتقاليد وقوانين البيئة التي كان فيها ما زالت عالقة به.. لقد نسى أنّه مازال يشاهد الأشياء من خلالها... رغم سقوط الفرعون الكبير، إلّا أنّ كل شئ مازال يتشبث به، الأشياء الصغيرة راكضة في عقله... بقايا الفرعون الكبير مازالت حية... عليّ أنّ اغتسل، لقد أدركت أنّي تحررت، الأشياء تنتظرني لاسقيها المعنى، لاعطيها القيمة. عندما سقط الحاكم كان من الطبيعي حدوث بعض الفوضى، لكنّه كان ماكراً بعض الشيء: لقد ترك قانون خبيث. "إنه المعنى، ولا معنى بدونه" فسقطت أنت في هذه الفجوة.. الحكم لك الآن يا صديقي، عليك أن تضع النظام بما يليق بك.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

محمد صبري يكتب: العدل والميراث في الإسلام